تستعد شركة «أفريو جولد» لتجارة وتصنيع الذهب والمجوهرات لافتتاح مصنع جديد لإنتاج المشغولات والسبائك الذهبية على مساحة 1000 متر مربع بإحدى المناطق الصناعية مطلع عام 2026، وذلك في إطار خطتها التوسعية لزيادة الإنتاج وتعزيز حضورها في سوق الذهب المصري.
وقال عماد سعد، رئيس مجلس إدارة الشركة، إن «أفريو جولد» تسعى أيضًا إلى التوسع التجاري عبر افتتاح فروع جديدة، من بينها فرعان بالعاصمة الإدارية الجديدة ومدينة نصر، إلى جانب فرعيها الحاليين بمنطقة الصاغة، أحدهما للجملة والتجزئة، والآخر لتجارة الذهب الخام.
وأوضح أن الشركة تعد موزعًا معتمدًا لعدد من العلامات التجارية الراقية في عالم الذهب والسبائك الخام، وتطرح مشغولات من عياري 21 و18 بأوزان متنوعة تلبي احتياجات مختلف شرائح المستهلكين في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية.
أوضح سعد أن الشركة تدير فرعًا متخصصًا في تجارة الذهب الخام وتبديل واستلام المشغولات لجميع العلامات التجارية المتداولة في السوق، بجانب تنفيذ حوالات الذهب للتجار داخل وخارج السوق المحلي، وهي منظومة تشبه النظام المصرفي في سوق الذهب، إذ يشتري التاجر من المصنعين مقابل نفس عدد الجرامات من الذهب الخام مع دفع المصنعية نقدًا.
وأشار إلى أن تجارة الذهب الخام تُعد من الركائز الأساسية لتجارة الذهب في مصر، إذ تمثل الوسيط المالي بين المصنعين وتجار التجزئة.
وأضاف أن الذهب يُمثل رأس المال الحقيقي للتاجر، لذلك يتعين عليه تعويض ما يبيعه فورًا وبنفس الأسعار لضمان استقرار الدورة التجارية.
لفت سعد إلى أن الشركة تستلم أيضًا المشغولات الذهبية المستعملة (الكسر) الناتجة عن عمليات إعادة بيع المواطنين لمجوهراتهم القديمة، حيث تُجمع من الأسواق والمحافظات المختلفة لإعادة صهرها واستخدامها كخامات في دورة الإنتاج الجديدة، مما يساعد في توفير خامات محلية وتقليل الحاجة إلى الاستيراد.
وأوضح رئيس «أفريو جولد» أن أسعار الذهب ارتفعت بنسب كبيرة خلال الفترات الأخيرة لتسجل مستويات قياسية غير مسبوقة، حيث تجاوز سعر جرام عيار 21 حاجز 5400 جنيه، بينما ارتفعت الأوقية عالميًا بنسبة 53% خلال نفس الفترة.
وأشار إلى أن هذه الارتفاعات تعكس قوة الاتجاه الصاعد على المستويين المحلي والعالمي، مدفوعة بالتوترات الجيوسياسية ومشتريات البنوك المركزية وتراجع الثقة في الدولار.
وأكد أن أسعار الذهب في مصر تعتمد على ثلاثة عوامل رئيسية سعر الأوقية في البورصة العالمية، وسعر صرف الدولار في السوق المحلية، ومستويات العرض والطلب.
أوضح سعد أن الارتفاع القياسي في الأسعار أدى إلى تراجع حاد في حركة البيع بشوارع الصاغة نتيجة تآكل القوة الشرائية للمستهلكين.
وقال: «شوارع الصاغة أصبحت شبه خالية من الزبائن»، مضيفًا أن الطلب المحلي تراجع بشدة، وأن المصنعين يتحملون أعباء العمالة الماهرة حفاظًا على جودة الإنتاج وسمعة الصناعة المصرية.
وأشار إلى أن السوق المحلي لم يستفد من هذه الارتفاعات، بل انعكست سلبًا على حركة البيع والشراء حتى في مواسم الرواج التقليدية مثل الأعراس والأعياد، حيث اضطر كثير من المواطنين لتأجيل الشراء.
قال سعد، إن المصانع تواجه تحديات مالية كبيرة بسبب ضعف المبيعات وارتفاع تكاليف التشغيل، لكنها مضطرة للإبقاء على العمالة الماهرة لأنها تمثل «رأس المال البشري» للصناعة.
وأوضح أن فقدان هذه العمالة يُعد خسارة جسيمة يصعب تعويضها، لافتًا إلى أن ارتفاع أسعار الكهرباء والوقود والخامات زاد من الأعباء على المصانع وقلل من هوامش الأرباح.
طالب رئيس «أفريو جولد» بضرورة تحرك الجهات المعنية لدعم صناعة الذهب من خلال سياسات تحفيزية تشمل تخفيف الأعباء الضريبية والرسوم، وتسهيل إجراءات التصدير للأسواق الخارجية لتعويض الركود المحلي.
وقال إن الأزمة الحالية ليست أزمة أسعار فحسب، بل أزمة ركود في الطلب تهدد بخسارة مهارات تراكمت عبر أجيال من الصاغة.
وأكد أهمية تقديم تسهيلات تمويلية للمصانع لمواجهة ارتفاع التكاليف، مشددًا على أن القطاع يتمتع بقدرة عالية على التعافي إذا حظي بالدعم الكافي في الوقت المناسب.
أشاد سعد بالجهود الحكومية في تشديد الرقابة على الأسواق وتنظيمها، مشيرًا إلى أن مصلحة الدمغة أصبحت أكثر دقة في تحديد الأعيرة، إذ يُلزم الآن أن يكون عيار 21 بنسبة 875 سهمًا دون السماح بالفروق السابقة، ما يعزز الثقة في السوق المحلي.
كما أشار إلى أن إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة أسهم في توسيع نطاق أسواق الذهب التجارية وفتح فرص جديدة أمام المستثمرين.
أكد سعد أن ارتفاع الأسعار التاريخي أدى إلى تباطؤ الطلب وانخفاض الإنتاج، مشيرًا إلى أن نحو 90% من الطلب الحالي يتركز على السبائك والجنيهات.
لكنه يرى أن فترة الركود لن تطول، متوقعًا أن يتحسن الطلب تدريجيًا مع تحسن دخول المواطنين واستقرار سعر الصرف.
وأوضح أن تراجع الجنيه أمام الدولار خلال السنوات الثلاث الماضية من 17 إلى 48 جنيهًا أدى إلى ارتفاع التضخم وتراجع القوة الشرائية، إلا أن تحسن مستويات الدخل ورفع قيمة الخدمات سيساعدان على عودة حركة الشراء إلى طبيعتها خلال المرحلة المقبلة.
لفت سعد إلى أن ارتباط المصريين بالذهب ضارب في الجذور الثقافية والاجتماعية، فهو جزء من تقاليد الزواج ووسيلة ادخارية راسخة، موضحًا أن ثقة المواطنين في المعدن النفيس ازدادت خلال السنوات الأخيرة مع تراجع قيمة العملة، وأصبح الذهب بالفعل الملاذ الآمن الحقيقي لحفظ الأموال.
توقع سعد استمرار موجة ارتفاع الأسعار في السوق المحلية والعالمية، نظرًا لاستمرار العوامل التي تدعم الصعود، وعلى رأسها التوترات الجيوسياسية، وتوجه البنوك المركزية نحو الذهب ضمن سياسة التخلي عن الدولار، إضافة إلى تصاعد الحروب التجارية بين الصين والولايات المتحدة وارتفاع معدلات التضخم العالمية.
أوضح سعد أن الزيادة الكبيرة في أسعار الذهب دفعت الشركات إلى رفع أسعار المصنعية لمواجهة ارتفاع تكاليف التشغيل والخامات.
وأشار إلى أن الغالبية العظمى من الشركات رفعت المصنعية بمتوسط 15 جنيهًا للجرام، مع فروق بين المشغولات الصغيرة والكبيرة حسب الوزن والنوع.
ومع إضافة هذه الزيادة، ترتفع التكلفة النهائية على المستهلك بنحو 60 إلى 200 جنيه للقطعة الواحدة، ما يدفع بعض المشترين إلى الاتجاه نحو السبائك والجنيهات لتقليل تأثير المصنعية.
ويرى سعد أن هذه الزيادة لن تُقلل من الطلب بل قد تدفع إلى الشراء السريع قبل زيادات أخرى محتملة، خاصة مع استمرار صعود الأسعار عالميًا.
وأضاف أن المصنعية ارتفعت بنسب تتراوح بين 20 و30% منذ بداية العام الجاري، موضحًا أن تكلفة التصنيع تختلف حسب نوع العيار والقطعة ووزنها وطريقة تصنيعها.
كما أشار إلى أن ارتفاع الأسعار أدى لتراجع العائد الاستثماري للمصانع، لأن نسبة المصنعية كانت تمثل 10% من السعر وأصبحت لا تتجاوز 3% حاليًا.
وأوضح أن المصانع لم ترفع المصنعية بنفس نسبة الزيادة في التكلفة حفاظًا على القدرة الشرائية للمستهلكين، مشيرًا إلى أن الاتجاه نحو الأوزان الخفيفة زاد من كلفة التصنيع لأن المشغولات الصغيرة تحتاج إلى جهد يدوي أكبر.
قال سعد إن أوزان الأطقم الذهبية كانت تتراوح في الماضي بين 70 و100 جرام، لكنها اليوم بين 5 و30 جرامًا لتناسب القدرة الشرائية.
في المقابل، زاد إقبال البدو والقبائل العربية، خصوصًا في مطروح وسيناء والواحات، على القطع كبيرة الحجم وعيار 24، ما دفع الشركات لتطوير خطوط إنتاج تلائم الذوق القبلي الذي يفضل الغوايش العريضة والأطقم الثقيلة.
وأكد سعد أن هذا النوع من الطلب يعكس أن الذهب لم يعد مجرد زينة، بل وسيلة ادخار ومؤشر للمكانة الاجتماعية، وأن تنوع الأذواق بين الحضر والقبائل خلق فرصًا جديدة للشركات لتوسيع حصتها السوقية.
اختتم سعد حديثه بالتأكيد على أن الذهب سيبقى الملاذ الآمن الأفضل على المدى الطويل، سواء للادخار أو الاستثمار، في ظل استمرار التقلبات الاقتصادية العالمية.
ونصح المستثمرين بشراء السبائك عيار 24 لتقليل المصنعية، بينما تظل الجنيهات عيار 21 الخيار الأكثر شعبية وسهولة في البيع والشراء.
وأكد أن استمرار دعم الدولة وتخفيف الأعباء عن المصنعين كفيل بأن يُعيد القطاع إلى مسار النمو ويضمن استدامة واحدة من أهم الصناعات التراثية في مصر.